فصل: تفسير الآية رقم (14):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (12):

القول في تأويل قوله تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [12].
{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائكَةِ} أي: الذين أمدّ بهم المسلمين، {أَنِّي مَعَكُمْ} أي: بالعون والنصر.
قال الجشمي: يحتمل مع الملائكة، إذا أرسلهم ردءاً للمسلمين، ويحتمل مع المسلمين، كأنه قيل: أوحي إلى الملائكة أني مع المؤمنين، فانصروهم وثبتوهم.
وقوله تعالى: {فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ} أي: بدفع الوسواس وبالقتال معهم والحضور مدداً وعوناً {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ} أي: الخوف.
ثم علمهم تعالى كيفية الضرب بقوله تعالى: {فَاضْرِبُواْ} أمر للمؤمنين أو للملائكة. وعليه، ففيه دليل على أنهم قاتلوا: {فَوْقَ الأَعْنَاقِ} أي: أعالي الأعناق التي هي المذابح، تطييراً للرؤوس، لأنها فوق الأعناق.
{وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} أي: أصابع، جمع بنانة، قيل: المراد بالبنان، مطلق الأطراف مجازاً، تسمية للكل بالجزء، لوقوعها في مقابلة الأعناق والمقاتل.
والمعنى: اضربوهم كيفما اتفق من المقاتل وغيرها.

.تفسير الآية رقم (13):

القول في تأويل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [13].
{ذَلِكَ} أي: الضرب أو الأمر بت {بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ} أي: خالفوهما فيما شرعا.
وقوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} تقرير لما قبله، إن أريد بالعقاب ما وقع لهم في الدنيا، أو وعيد بما أعد لهم في الآخرة، بعد ما حاق بهم في الدنيا، وبيان لخسرانهم في الدارين.

.تفسير الآية رقم (14):

القول في تأويل قوله تعالى: {ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ} [14].
{ذَلِكُمْ} خطاب للكفرة على طريقة الالتفات {فَذُوقُوهُ} أي: ذلك العذاب أيها الكفار في الدنيا {وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ} في الآخرة.
ثم نهى تعالى عن الفرار من الزحف، مبيناً وعيده بقوله:

.تفسير الآية رقم (15):

القول في تأويل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} [15].
أي: الظهور بالإنهزام، والزحف الجيش الكثير، تسمية بالمصدر، والجمع زحوف، مثل فلس وفلوس.
ويقال: زحف إليه، أي: مشى، وزحف الصبي على إسته قبل أن يقوم. شبه بزحف الصبيان مشي الجيش الكثير للقتال، لأنه لكثرته يرى كأنه يزحف، أي: يدب دبيبا قبل التداني للضراب أو الطعان.
قال أبو السعود: {زَحْفاً} منصوب، إما على أنه حال من مفعول: {لَقِيتُمْ} أي: زاحفين نحوكم، أو على أنه مصدر مؤكد لفعل مضمر، هو الحال منه، أي: يزحفون زحفاً.
وأما كونه حالاً من فاعله أو منه، ومن مفعوله معاً كما قيل فيأباه قوله تعالى: {فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ}، إذ لا معنى لتقييد النهي عن الإدبار بتوجههم السابق إلى العدو أو بكثرتهم، بل توجه العدو إليهم وكثرتهم هو الداعي إلى الإدبار عادة، والمحوج إلى النهي عنه.
وحمله على الإشعار بما سيكون منهم يوم حنين، حيث تولوا مدبرين، وهم زحف من الزحوف اثنا عشر ألفاً بعيد.
والمعنى: إذا لقيتموهم للقتال، وهم كثير جم وأنتم قليل، فلا تولوهم أدباركم، فضلاً عن الفرار، بل قابلوهم وقاتلوهم، فضلاً عن أن تدانوهم في العدد أو تساووهم.
قال الشهاب: عدل عن لفظ الظهور إلى الأدبار تقبيحاً للإنهزام، وتنفيراً عنه.

.تفسير الآية رقم (16):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [16].
{وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ} أي: يوم اللقاء {دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ} أي: مائلاً له.
يقال: تحرف وانحرف واحرورف: مال وعدل، وهذا التحرف إما بالتوجه إلى قتال طائفة أخرى أهم من هؤلاء، وإما بالفرّ للكر، بأن يخيل عدوه أنه منهزم ليغره، ويخرجه من بين أعوانه، فيفر عنه، ثم بكرّ عليه وحده أو مع من في الكمين من أصحابه، وهو باب من مكايد الحرب: {أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ} أي: منضماً إلى جماعة أخرى من المسلمين ليستعين بهم: {فَقَدْ بَاء} أي: رجع {بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أي: ما صار إليه من عذاب النار.
تنبيهات:
الأول: دلت الآية على وجوب مصابرة العدو، أي: الثبات عند القتال، وتحريم الفرار منه يوم الزحف، وعلى أنه من الكبائر، لأنه توعده عليه وعيده شديداً.
الثاني: ظاهر الآية العموم لكل المؤمنين في كل زمن، وعلى كل حال، إلا حالة التحرف، أو التحيز، وهو مروي عن ابن عباس، واختاره أبو مسلم.
قال الحاكم: وعليه أكثر الفقهاء.
وروى عن جماعة من السلف، أن تحريم الفرار المذكور مختص بيوم بدر، لقوله تعالى: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ} وأجيب بأن الإشارة في: {يَوْمَئِذٍ} إلى يوم لقاء الزحف كما يفيده السياق، لا إلى يوم بدر.
الثالث: ذهب جماعة من السلف إلى أن معنى قوله تعالى: {أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ} أي: جماعة أخرى من المسلمين، سوى التي هو فيها، سواء قربت تلك الفئة أو بعدت وقد روي أن أبا عبيد قتل على الجسر بأرض فارس، لكثرة الجيش من ناحية المجوس، فقال عمر رضي الله عنه: لو تحيز إلي لكنت له فئة.
وفي رواية عنه: أيها الناس! أنا فئتكم.
وقال الضحاك: المتحيز إلى فئة، الفارّ إلى النبي وأصحابه.
وكذلك من فر اليوم إلى أميره أو أصحابه، وجنح إلى هذا ابن كثير حيث قال:
من فر من سرية إلى أميره، أو إلى الإمام الأعظم، دخل في هذه الرخصة.
ثم أورد حديث عبد الله بن عُمَر المروي عند الإمام أحمد وأبي داود والترمذي وغيرهم، قال: كنت في سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحاص الناس حيصة، فكنت فيمن حاص، فقلنا: كيف نصنع، وقد فررنا من الزحف، وبؤنا بالغضب، ثم قلنا: لو دخلنا المدينة فبتنا! ثم قلنا: لو عرضنا أنفسنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كانت لنا توبة، وإلا ذهبنا! فأتيناه قبل صلاة الغداة، فخرج فقال: «من القوم»؟ فقلنا: نحن الفرارون. فقال:
«لا، بل أنتم العكّارون، أنا فئتكم وفئة المسلمين»، قال: فأتيناه حتى قبلنا يده.
قال الترمذي: حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد. انتهى.
أي: وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة.
قال الحاكم في مسألة الفرار: إن ذلك يرجع إلى ظن المقاتل واجتهاده، فإن ظن المقاومة لم يحل الفرار، وإن ظن الهلاك جاز الفرار إلى فئة وإن بعدت، وإذا لم يقصد الإقلاع عن الجهات. وحمل عليه حديث ابن عمر المذكور.
وعن الكرخي: أن الثبات والمصابرة واجب، إذا لم يخش الإستئصال، وعرف عدم نكايته للكفار، والتجأ إلى مصرٍ للمسلمين، أو جيش، وهكذا أطلق في شرح الإبانة فلم يبح الفرار إلا بهذا الشروط الثلاثة، ولم يعتبر العدد الآتي بيانه.
الرابع: روي عن عطاء أن حُكم هذه الآية منسوخ بقوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ}، قال الحاكم: إذا أمكن الجمع فلا نسخ وأقول: كنا أسلفنا أن السلف كثيراً ما يعنون بالنسخ تقييد المطلق، أو تخصيص العام، فلا ينافي كونها محكمة إطلاقهم النسخ عليها.
قال بعض الأئمة: هذا الآية عامة تقضي بوجوب المصابرة، وإن تضاعف عدد المشركين أضعافاً كثيرة، لكن هذا العموم مخصوص بقوله تعالى في السورة هذه: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفا}.
وعن ابن عباس: من فرّ من اثنين فقد فرّ، ومن فرّ من ثلاثة فلم يفرّ.
وبالجملة، فلا منافاة بين هذه الآية وآية الضعف، فإن هذه الآية مقيدة بها، فيكون الفرار من الزحف محرماً بشرط بينه الله في آية الضعف.
وفي المهذب: إن زاد عددهم على مثلي عدد المسلمين، جاز الفرار، لكن إن غلب على ظنهم أنهم لا يهلكون، فالأفضل الثبات، وإن ظنوا الهلاك، فوجهان: يلزم الإنصراف لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.
والثاني: يستحب ولا يجب، لأنهم إن قُتلوا فازوا بالشهادة وإن لم يزد عدد الكفار على مثلي عدد المسلمين، فإن لم يظنوا الهلاك لم يجز الفرار، وإن ظنوه فوجهان:
يجوز لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.
ولا يجوز، وصححوه لظاهر الآية.
ثم بين تعالى أن نصرهم يوم بدر، مع قلتهم، كان بحوله تعالى وقوته، فقال سبحانه:

.تفسير الآية رقم (17):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [17].
{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ} أي: بقوتكم {وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ} أي: سبب في قتلهم بنصرتكم وخذلانهم وألقى الرعب في قلوبهم، وقوى قلوبكم، وأمدكم بالملائكة، وأذهب عنها الفزع والجزع.
{وَمَا رَمَيْتَ} أي: أنت يا خاتم النبيين، أي: ما بلغت رمية الحصباء إلى وجوه المشركين {إِذْ رَمَيْتَ} أي: بالحصباء، لأن كفاً منها لا يملأ عيون الجيش الكثير برمية بشر {وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى} أي: بلغ بإيصال ذلك إليهم ليقهرهم.
وقال أبو مسلم في معنى الآية: أي: ما أصبت إذا رميت، ولكن الله أصاب.
والرمي لا يطلق إلا عند الإصابة، وذلك ظاهر في أشعارهم.
وقد روي عن غير واحد، أنها نزلت في شأن القبضة من التراب التي حصب بها النبي صلى الله عليه وسلم وجوه المشركين يوم بدر، حين خرج من العريش، بعد دعائه وتضرعه واستكانته، فرماهم بها وقال: «شاهت الوجوه». ثم أمر أصحابه أن يصدقوا الحملة إثرها، ففعلوا، فأوصل الله تلك الحصباء إلى أَعْيَن المشركين، فلم يبق أحد منهم إلا ناله ما شغله عن حاله، وانهزموا.
تنبيه:
قال الجشمي: تدل الآية أن فعل العبد يضاف إليه تعالى إذا كان بنصرته ومعونته وتمكينه، إذ معلوم أنهم قتلوا، وأنه رمى، ولذلك قال: {إِذْ رَمَيْتَ} ولهذا يضاف إلى السيد ما يأتيه غلامه.
وتدل على أن الإضافة بالمعونة والأمر، صارت أقوى، فلذلك قال: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ}.
وقال في العناية: استدل بهذه الآية والتي قبلها على أن أفعال العباد بخلقه تعالى، حيث نفى القتل والرمي.
والمعنى: إذ رميت أو باشرت صرف الآلات.
والحاصل: ما رميت خلقاً إذا رميت كسباً. وأورد عليه أن المدعي وإن كان حقاً، لكن لا دلالة في الآية عليه، لأن التعارض بين النفي والإثبات الذي يتراءى في بادئ النظر، مدفوع بأن المراد ما رميت رمياً تقدر به على إيصاله إلى جميع العيون، وإن رميت حقيقة وصورة، وهذا مراد من قال: ما رميت حقيقة إذ رميت صورة، فالمنفي هو الرمي الكامل، والمثبت أصله، وقدر منه.
فالإثبات والنفي لم يردا على شيء واحد، حتى يقال: المنفي على وجه الخلق، والمثبت على وجه المباشرة، ولو كان المقصود هذا لما ثبت المطلوب بها، الذي هو سبب النزول، من أنه أثبت له الرمي، لصدوره عنه، ونفى عنه، لأن أثره ليس في طاقة البشر، ولذا عدت معجزة له، حتى كأنه لا مدخل له فيها أصلاً. فمبنى الكلام على المبالغة، ولا يلزم منه عدم مطابقته للواقع، لأن معناه الحقيقي غير مقصود. هكذا ينبغي أن يفهم هذا المقام إذ لو كان المراد ما ذكر، لم يكن مخصوصاً بهذا الرمي، لأن جميع أفعال العباد كذلك بمباشرتهم وخلق الله. انتهى.
وهذا التحقيق جيد، وقد نبه عليه أيضاً العلامة ابن القيم في زاد المعاد حيث قال:
وقد ظنت طائفة أن الآية دلت على نفي الفعل عن العبد وإثباته لله، وأنه هو الفاعل حقيقة، وهذا غلط منهم من وجوه عديدة، مذكورة في غير هذا الموضع.
ومعنى الآية: أن الله سبحانه أثبت لرسوله ابتداء الرمي، ونفى عنه الإيصال الذي لم يحصل برميه، فالرمي يراد به الحذف والإيصال، فأثبت لنبيه الحذف، ونفى عنه الإيصال. انتهى.
وقوله تعالى: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ} أي: ليمنحهم من فضله {بَلاء حَسَناً} أي: منحاً جميلاً، بالنصر والغنيمة والفتح، ثم بالأجر والمثوبة، غير مشوب بمقاساة الشدائد والمكاره، فيعرفوا حقه ويشكروه.
قال أبو السعود: واللام، إما متعلقة بمحذوف متأخر، فالواو اعتراضية، أي: وللإحسان إليهم بالنصر والغنيمة، فعل ما فعل، لا لشيء غير ذلك، مما لا يجديهم نفعاً، وإما برمي، فالواو للعطف على علة محذوفة، أي: ولكن الله رمى ليمحق الكافرين وليبلي.. الخ. وتفسير البلاء هنا بالمنحة هو ما اختاره المحققون من قولهم: أبلاه الله ببلية إبلاء حسناً، إذا صنع به صنعاً جميلاً، وأبلاه معروفاً، قال زهير في قصيدته التي مطلعها:
صحا القلبُ عن سَلََْمَى وقد كَادَ لا يَسْلُو ** وأقفر من سَلْمَى التَّعانيقُ والثِّقلُ

والتعانيق والثقل: مواضع:
جزى اللهُ بالإحسانِ ما فعلا بكم ** وأبلاهما خَيْرَ البَلاءِ الذي يَبْلُو

أي: إحسان فعلهما بكم، فأبلاهما خير البلاء، أي: صنع الله إليهما خير الصنيع الذي يبتلي به عباده، والْإِنْسَاْن يبلى بالخير والشر، أي: صنع بهما خير الصنيع الذي يبلو به عباده.
واستظهر الطيبي تفسيره بالإبلاء في الحرب بدليل ما بعده. قال ابن الأعرابي: يقال: أبلى فلان إذا اجتهد في صفة حرب أو كرم، ويقال: أبلى ذلك اليوم بلاء حسناً.
{إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ} أي: لدعائهم واستغاثتهم {عَلِيمٌ} أي: بمن يستحق النصر والغلب وقوله تعالى: